
وُلد زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) في المدينة المنورة سنة 80 للهجرة، في بيت النبوّة، وترعرع في كنف أبيه الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وأخيه الإمام محمد الباقر (عليه السلام). فكان زيدٌ منذ صغره مثالًا في العبادة والعلم والوعي.
عُرف زيد بالذكاء والبلاغة، وكان من كبار فقهاء زمانه، حتى لقّبه الناس بـ**"حليف القرآن"**، لأنه لم يكن يفارقه، لا تلاوةً ولا عملًا. وكان شديد التعلّق بقضايا الأمة، لا يقبل بالظلم، ولا يسكت عنه
في زمن الدولة الأموية، حين انتشر الظلم و الجور، وابتعد الحُكّام عن تعاليم الإسلام، قرر زيد أن ينهض في وجه الظلم، لا طلبًا لحكم، بل دفاعًا عن الحقّ، وأملًا في إصلاح واقع المسلمين. خرج زيد في الكوفة، يدعو الناس إلى العودة إلى القرآن، واتباع "الرضا من آل محمد"، أي الحاكم العادل من أهل بيت النبي ﷺ.
في البداية، اجتمع الناس حوله وبايعه الآلاف، لكن حين شعروا بقرب المعركة، تراجعوا وتخلّوا عنه في ليلة واحدة، فلم يبقَ معه إلا القليل من الصادقين. ومع ذلك، ثبت زيد، وقال قولته الخالدة:
"والله لا أُكْرهُ على الحياة، ولا أُقْدِمُ باليد على الذلّ!"
ثم قاتل ببسالة، حتى أُصيب بسهمٍ في جبهته، فاستُشهد مظلومًا سنة 122 هـ، عن عمر ناهز 42 عامًا. وبعد استشهاده، قام والي الكوفة الأموي يوسف بن عمر الثقفي بنبش قبره، وصلب جسده الطاهر أربع سنوات، ثم أحرقوه ورموا رماده في نهر الفرات!
رغم بشاعة الجريمة، ظلّ زيد رمزًا للشجاعة والصدق والإصلاح، وقال عنه الإمام الصادق (عليه السلام):
"كان عالِمًا، وكان صدوقًا، وما دعاكم إلى نفسه، إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد