التفكير الإيجابي للسيدة فاطمة عليها السلام في تعليم نساء المجتمع
كانت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام رائدة الفكر والحركة العلمية في وقت كانت ظروف الناس صعبة، وكان المجتمع أميًا، إلا ما ندر من وجود من يجيد القراءة والكتابة. لذلك حاول رسول الله صلى الله عليه وآله فتح مشاريع لمحو الأمية، لإيجاد نخبة متعلمة تستطيع القراءة والكتابة، إذ كانت الثقافة حينذاك معدومة، ولم يكن من المتيسر للمسلمين الحصول على امرأة تجيد القراءة والكتابة، وتفهم الأحكام الشرعية لتعليمها للنساء.
ساهمت الزهراء عليها السلام بشكل فعّال في هذا المجال، إذ كانت المتصدية الأولى والوحيدة لنشر القراءة والكتابة، والعلم والفقه والشريعة بين النساء. فقد علمها رسول الله صلى الله عليه وآله القرآن وتفسيره، وعلّمها الأحكام الشرعية لتكون سفيرته ونائبته في تعليم النساء.
يروي أبو محمد العسكري أن امرأة حضرت عند السيدة فاطمة قائلة: «إن لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك أسألك.» فأجابتها السيدة فاطمة، واستمرت المرأة في السؤال أكثر من عشر مرات، فاستحيت، فقالت للسيدة فاطمة: «لا أشق عليك يا بنت النبي.» فقالت فاطمة: «اسألي ما بدا لك، فإني سمعت رسول الله يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله سبحانه، حتى يخلع على الواحد منهم ألف خلعة من نور.»
كانت السيدة فاطمة داعية للرسالة الإسلامية، أكثر من أن تتغلب عليها مشاغل الحياة، وكانت معلمة يقصدها طلاب العلم لتلقي أجوبتها على أسئلتهم. كما كانت تعطي دروسًا لنساء المهاجرين والأنصار اللواتي كن يجتمعن عندها في حلقة تشبه الدروس الحوزوية. وهي أول من كتبت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله بمسمع منه ومشاهدته.
رغم ثروتها بعد فتح بني النضير وخيبر وتمليكها فدك، لم تلبس السيدة فاطمة الحرير، ولم تشترط على زوجها تغيير السكن، بل كانت تنفق كل ذلك المال على الفقراء والمساكين وفي سبيل الدعوة الإسلامية.
لقد كانت السيدة فاطمة مرجعًا للمرأة المسلمة في عصر أبيها، وأفضل نموذج إلهي للمرأة في عصر الرسالة وفي كل عصر، إذ جمعت بين شرف النسب، وشرف العلم والتقوى، ومشاركتها في الدعوة الإسلامية لتبليغ النساء إلى كتاب الله.
تعلمت السيدة فاطمة التعاليم على يد رسول الله، وكانت تدون ما تسمعه منه، خاصة الأمور التي كان يذكرها في مجالسه الخاصة، وبعض الأحاديث التي لم يبينها للنّاس عامة، بل ذكرها بشكل خاص. كما تعلمت الأحكام الفقهية منه بشكل مباشر، ودونتها في ما عُرف بمصحف فاطمة، وامتازت بتفسير القرآن وفهم مفاهيم الإسلام لدرجة قربها من أبيها.
المصادر:
الحكيم
بنت الشاطي
الشيرازي، 2003
شبكة المعارف
: د. وفاء كاظم جبار