image

هو ميثم بن يحيى التمار، من الموالي، وقيل: من أهل نجران، وأصله عجمي. كنيته أبو سالم، ولقّب بـ"التمّار" لأنه كان يبيع التمر في الكوفة. استُشهد سنة 60 هـ، قبل واقعة كربلاء بشهر تقريبًا، بأمر الطاغية عبيد الله بن زياد.

كان من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومن أعلام التشيع في القرن الأول الهجري. اشتراه أمير المؤمنين (عليه السلام) وأعتقه، وقرّبه منه، وخصّه بعلوم التأويل وبواطن القرآن، حتى أصبح من رواة علم أهل البيت (عليهم السلام).

عن الإمام الصادق (عليه السلام):

«إنّ ميثم كان من العلماء، وقد علّمه أمير المؤمنين (عليه السلام) ألف باب من التأويل».

الكافي، ج1، ص65

كان من أوائل المحدّثين بالولاية، وناشري علومها، والممهّدين لثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، ومظلوميّته، رغم خطورة الظرف السياسي آنذاك.

كان يُبشّر الناس بشهادة الحسين (عليه السلام)، ويقول:

«يُقتل ابن رسول الله ظمآن غريبًا بكربلاء، لا ناصر له... فهل من واعٍ؟»

وحين مرّ الإمام الحسين (عليه السلام) بكربلاء، مرّ بمكان صلب ميثم وقال:

«رحمك الله يا ميثم، لقد سبقنا إلى اللقاء، وصدقك ما وعدك به مولانا أمير المؤمنين».

مثير الأحزان، ابن نما، ص30

ميثم مع أمير المؤمنين (عليه السلام):

في زمن كانت فيه الولاية تهمة توجب القتل، وقف هذا العبد المُحرَّر ليصبح من أعظم أنصار الحق وأعمدة الوفاء، يحدّث في الأسواق بفضائل علي (عليه السلام)، ويجهر بولايته علنًا رغم التهديد والوعيد.

قال له أمير المؤمنين (عليه السلام):

«يا ميثم، إنك تؤخذ بعدي فتُصلب، وتُقتل، وتُطعن بحربة، فتصبر وتُحتسب، وتكون معي في درجتي».

 الاختصاص، الشيخ المفيد، ص222

بل دلّه على مكان صلبه، فكان ميثم يأتي إلى النخلة التي سيُصلب عليها، فيصلّي عندها ويقول:

«يا شجرة، قد خلّفكِ لي أمير المؤمنين».

ثباته العقائدي ورفضه التبرّؤ من علي (عليه السلام):

لما أُلقي القبض عليه، خُيّر بين النجاة ولعن الإمام علي (عليه السلام)، فأبى، فأمر عبيد الله بصلبه.

قال له عبيد الله بن زياد:

«لتلعننّ عليًّا أو لأقطعنّ لسانك!»

فأجابه ميثم:

«كان مولاي قد أخبرني أنك ستفعل بي ذلك، وإنّي على بصيرة من أمري».

بحار الأنوار، ج42، ص118


وصُلب في الكوفة، وكان يحدّث الناس من على خشبة الصلب بفضائل أمير المؤمنين، حتى قُطع لسانه وطُعن بالحربة، فنال شرف الشهادة بصبر وثبات ووفاء.


وهكذا اصبح لقد أصبح ميثم التمار (رضوان الله عليه) رمزًا حيًا:

للثبات على الولاية.

التضحية بالمبدأ دون مساومة.

الولاء الحقيقي الذي لا يُباع مهما اشتدّ البلاء.

وفي زمن التقلّب والانكسار، تبقى سيرته رسالة مفتوحة للأحرار:

أن الولاء لا يُقاس بالكلام، بل بالموقف.

وأن من عرف عليًا (عليه السلام) حقًا، لا ينحني إلا لله، ولا يبيع لسانه وإن صُلب عليه.


: فاطمة الحسيني